مواقف في حياة النبي ..

الرسول يحضن طفلا فقد طائره الأليف
كان للأطفال حظا من وقت النبي صلى الله عليه وسلم، واهتماماته، فكان يحنو عليهم، ويترفق بهم، ويداعبهم ويمازحهم، حتى يدخل السرور على قلوبهم.
وكان صلى الله عليه وسلم من أشد الناس تواضعًا لله تعالى، حتى أن حنوه ورحمته بلغت الإنسان والطير والحيوان والجماد أيضا.
وللنبي قصة مع الطفل عُمير وهو أخو الإمام انس بن مالك لأمه، وكان اسمه أبو عُمير بن أبي طلحة الأنصاري.
كان أبو عُمير طفلا لا يتجاوز الثلاث سنوات، وفي يوم من الأيام زار الرسول صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك في بيته، فرآى الرسول عُمير وفي يده طائر يشبه العصفور، فقال له: (يا أبا عمير ماذا فعل النُغير؟) -أي طائر صغير- فتبسم الطفل الصغير.
وبعد أيام جاء الرسول إلى بيت أنس، وسأل كعادته عن عُمير فأجابه أنس، أن عصفور قد مات، وأنه حزين جدًا لموته، فأقبل الرسول مسرعًا إلى الصبي الصغير، وأخذ يواسيه ويخفف عنه حزنه، بعد أن رمى عُمير بنفسه في حضن الرسول (صلي) وهو يبكي ويقول: “لقد مات النُغير.. لقد مات”.
عندما بكى جَمَلٌ للرسول شاكياً صاحبه من شدة الجوع والأذى
ثبتت في الأحاديث النبوية قصة الجمل الذي شكى صاحبه للنبي (صلى)، حيث مر النبي الكريم على فناء وبالصدفة فوجئ بجمل يأتي إليه وجسى على ركبيه وبكى، وذرف الدمع، ففهم الرسول صلى الله عليه وسلم لغة الجمل بأنه يشكو صاحبه من شدة الجوع وكثرة العمل.
فمسح رسول الرحمه بيده على رأس الجمل فسكن وهدأ، ثم غضب فأحمر وجهه ونادي متسائلا: “من صاحب هذا الجمل” فاجأه أحد الأنصار أنه يملكه فقال له النبي (صلى)، إن الجمل الذي تملكه جاءني يشكو منك أنك تدخله في عمل دؤوب أفلا تتقى الله في هذه البهيمة؟.
وروى الإمام أحمد في مسنده، نص الحديث الشريف الذي ورد فيه قصة الجمل فقال: “إن النبي (صلى) دخل يوما إلى حائط (بستانا) من حيطان الأنصار، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه”.
وقال بَهْز وعفان: “فلما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سَرَاته وذِفْراه (ظهره وأذنيه) فسكن، فقال: من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال: هو لي يا رسول الله، فقال (صلى) : أما تتقى الله في هذه البهيمة التي ملّككها الله، إنه شكا إلىَّ أنك تجيعه وتدئبه (تتعبه في عمل متصل)”.
وشرح الزرقاني أن النبي (صلى) قد فهم لغة الجمل إما بالنطق، أو بفهمه عليه السلام من فعل الجمل.
أنت عند الله غالٍ
كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعطف على الغني والفقير سواء، فكان رجل من البادية يسمى زاهر بن حرام يأتي من البادية فيهدي للنبي (صلى الله عليه وسلم) شيئًا من البادية مثل الجبن والسمن، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقابل ذلك بأن يعطيه شيئًا من التمر،
خرج زاهر يومًا فأتى بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يجده، وكان معه متاع فذهب إلى السوق، فلما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) بمجيئه ذهب إليه في السوق يبحث عنه فوجده يبيع، ويتصبب عرقًا، فاحتضنه النبي (صلى الله عليه وسلم) من ورائه، فقال زاهر: أرسلني من هذا؟ فسكت النبي (صلى الله عليه وسلم)، وهو يحاول أن يتخلص من قبضته، فالتفت ماذا هذا؟ النبي؛ فسكن فزعه، وجعل يلصق صدره بالنبي (صلى الله عليه وسلم) فجعل النبي يقول: “من يشتري هذا العبد”، فنظر زاهر إلى حاله فإذا هو فقير، فقال: يا رسول الله، والله تجدني كاسدًا يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وسلم): “ولكنك عند الله لست بكاسد أنت عند الله غالٍ”-.
هلا تركت الشيخ في بيته
أثناء فتح مكة جاء سيدنا أبو بكر بأبيه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان أبو قحافة قد كبر وضعف جسمه، ورمه عظمه فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): “هلا تركت الشيخ في بيته؛ حتى أكون أنا آتيه فيه”، فقال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه، ثم مسح النبي (صلى الله عليه وسلم) بيده الشريفتين على صدر أبو قحافة، ثم قال: “أسلم”، فأسلم أبو قحافة، وفرح أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
هلا عدلت بينهما
كان مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) رجل فجاء ابن له فقبَّله (صلى الله عليه وسلم) وأجلسه على فخذه ثم جاءت بنت له فأجلسها إلى جنبه، وفي الرواية الأخرى (فأخذ بيديها فأجلسها) فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): “فهلا عدلت بينهما” وفي الرواية الأخرى (“لو عدلت كان خيرًا لك، قاربوا بين أبنائكم ولو في القبل”) أخرجه عبد الرازق في مصنفه.
يا رسول الله أوجعتني
كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) في بدر يعدل الصفوف، ويقوم بتسويتها، وبيده سهم لا ريش له يعدل به الصفوف، فرأى رجلاً اسمه سواد بن غزيه وقد خرج من الصف، فطعنه الرسول (صلى الله عليه وسلم) في بطنه، وقال له: “استو يا سواد”، فقال: يا رسول الله قد أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فكشف النبي (صلى الله عليه وسلم) عن بطنه وقال: “استقد مني” فاعتنقه وقبَّل بطنه، وقال: “ما حملك على هذا يا سواد” قال: يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخير، وكان من الشهداء يوم بدر.
صل الله على محمد صل الله عليه وسلم