الحلّ نيوز – ربما سبق لك استخدام منصة “كانفا” لتصميم منشوراتك على وسائل التواصل الاجتماعي، أو إعداد الدعوات الخاصة، أو حتى تصميم العروض التقديمية الاحترافية.
– فهذه الأداة المبتكرة، على بساطتها، يسّرت لأكثر من 100 مليون مستخدم يمتدون عبر 190 دولة القدرة على تحويل أفكارهم ومفاهيمهم إلى تصاميم مرئية جذابة واحترافية.
– لكن خلف هذا النجاح الباهر وهذه الشهرة الواسعة للمنصة، تكمن قصة كفاح ملهمة، تجسدت في شخص ميلاني بيركنز، المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية لـ “كانفا”.
– تمكنت بيركنز، بعزيمتها وإصرارها، من أن تحول فكرتها الوليدة من مجرد رسم تخطيطي في غرفة معيشة والدتها بأستراليا، لتبني منها صرحاً تكنولوجياً عملاقاً، ينافس عمالقة وادي السيليكون.
وُلدت ميلاني بيركنز عام 1987 في مدينة بيرث الأسترالية، ولم يمر وقت طويل حتى بدت عليها علامات العزيمة والإصرار، حتى وهي في ربيع طفولتها.
– ففي سن الرابعة عشرة، لم تكتفِ بالدراسة؛ بل انخرطت في أنشطة تجارية ورياضية، فبدأت ببيع الأوشحة المصنوعة يدويًا في الأسواق المحلية، وفي موازاة ذلك، شاركت باحترافية في مسابقات التزلج الفني على الجليد، مكرسة وقتها للتدريب الشاق.
– كان لهذا الانضباط الصارم وأخلاقيات العمل الدؤوب التي صقلتها روح الرياضة فيها، أثر بالغ في بناء شخصيتها الريادية، ومكّنتها لاحقًا من تحقيق النجاح الباهر في عالم ريادة الأعمال.
أولى خطوات النجاح مع “فيوجن بوكس”
– خلال سنوات دراستها الجامعية في جامعة غرب أستراليا، استرعى انتباهها الصعوبة البالغة التي تواجه والدتها – التي تعمل معلمة – في مهمة إعداد كتب التخرج السنوية لطلابها بالطرق التقليدية.
– حينها ولدت شرارة فكرة مشروعها الريادي الأول الذي أطلقت عليه اسم “فيوجن بوكس”، الذي أسسته في سن مبكرة لم تتجاوز التاسعة عشرة.
– جاءت هذه المنصة لتقدم للطلاب والمعلمين حلاً إلكترونياً مبتكراً وغاية في السهولة، يمكنهم من تجميع الصور والنصوص واختيار القوالب الجاهزة لإنتاج كتب تخرج ذات تصميم أنيق دون عناء.
– لم يمضِ وقت طويل حتى حقق المشروع انتشاراً واسعاً ونجاحاً مدوياً، فتوسعت قاعدة مستخدميه لتشمل مئات المدارس ليس فقط في أستراليا، بل امتدت إلى نيوزيلندا وفرنسا.
حلم أكبر: تبسيط التصميم للجميع
– لم يقتصر عمل ميلاني على “فيوجن بوكس”؛ بل انخرطت أيضاً في مجال التدريس، وهو ما سمح لها باكتشاف عائق آخر كبير: الأدوات التقليدية للتصميم الجرافيكي، مثل برنامج “فوتوشوب” الشهير، كانت شديدة التعقيد بالنسبة للمبتدئين.
– تروي بيركنز كيف أن الطلاب كانوا يقضون فصلاً دراسياً كاملاً فقط لمحاولة فهم أماكن الأزرار وقوائم الأوامر في هذه البرامج.
– وهنا، نضجت فكرة أكثر جرأة في عقلها: لماذا لا تكون هناك منصة تصميم عبر الإنترنت؟ منصة تفاعلية تتسم بالبساطة، ومتاحة لأي شخص في العالم، بغض النظر عن خلفيته التقنية أو مستوى خبرته.
– حملت ميلاني هذه الفكرة الواعدة وعرضتها على العديد من المستثمرين، لكنها واجهت سيلاً من الرفض المتكرر.
– كان المنطق السائد يرى أن مجرد التفكير في أن شركة ناشئة من أستراليا، لا تملك الخبرة الطويلة، يمكنها أن تنافس عمالقة راسخين مثل “أدوبي”، هو ضرب من الخيال وغير واقعي.
– لكن ميلاني بيركنز، بحدسها القوي وإيمانها الراسخ بالمشكلة التي تريد حلها، ظلت ثابتة على موقفها، ومستعدة لتقديم الحل الذي آمنت به.
نقطة التحول في وادي السيليكون
– شكّل لقاء ميلاني بيركنز بالمستثمر الأمريكي اللامع بيل تاي، خلال مشاركتها في حدث مخصص لرواد الأعمال في أستراليا، نقطة تحول جوهرية غيرت مسار رحلتها.
– انبهر تاي برؤيتها المستقبلية الواعدة، ولم يتردد في استضافتها في معسكره الاستثماري الفريد الذي يجمع بين صقل الأفكار الريادية وشغف التزلج الشراعي.
– لكن مسار بناء الفريق لم يكن سهلاً؛ فقد استغرق الأمر عاماً كاملاً من البحث الدؤوب للعثور على مدير تقني تنفيذي يتمتع بالمواصفات التقنية العالية.
– وأخيراً، وبعد طول انتظار، انضم كل من كاميرون آدامز وديف هيرندن، وهما مهندسان بارعان سبق لهما العمل في “جوجل”، ليكتمل بذلك عقد الفريق المؤسس لـ”كانفا” وتبدأ فكرة التحول إلى واقع ملموس.
ولادة كانفا وسط الشكوك:
– في عام 2013، أبصرت منصة “كانفا” النور بشكل رسمي، لتطلق العنان لمفهوم جديد في عالم التصميم؛ وعلى الرغم من هذا الإطلاق الواعد، وجدت ميلاني صعوبة جمة في إقناع مستثمري وادي السيليكون بضخ المزيد من رؤوس الأموال في جولات تمويل لاحقة.
– لكنها لم تستسلم لليأس قط؛ وعادت إلى وطنها أستراليا، وبإيمان راسخ وعرض مقنع، نجحت في إقناع مستثمرين محليين بتمويل “كانفا” بمبلغ سخي بلغ 3 ملايين دولار.
– كان هذا التمويل بمثابة شريان الحياة الذي مكّن المنصة من البدء في مسارها نحو التوسع التدريجي والنمو المستمر، حتى مع مواجهة بعض التحديات الطارئة في بداياتها.
صعود أسطوري
– تحولت “كانفا” إلى واحدة من أروع قصص النجاح في عالم التكنولوجيا، وباتت تصنف ضمن أكثر الشركات إثارة للإعجاب على مستوى العالم، مدعومة بسجل حافل من الإنجازات المذهلة التي تشهد على ريادتها، أبرزها:
– تحقيق انتشار عالمي واسع النطاق، حيث يمتد حضورها في أكثر من 190 دولة حول العالم، وتخدم قاعدة مستخدمين نشطين تتجاوز 100 مليون مستخدم شهريًا.
– بلوغ قيمتها السوقية مستوى مذهل قدره 40 مليار دولار أمريكي في عام 2023 (هي شركة مغلقة وليست مقيدة في سوق الأسهم)، مما جعلها واحدة من أعلى الشركات قيمة في أستراليا على الإطلاق.
– تتويجها كواحدة من أكثر الشركات ابتكاراً في العالم، حيث احتلت المرتبة الرابعة في قائمة “فوربس” لعام 2021 لأكثر الشركات ابتكاراً، متفوقة بذلك بفارق هائل وملحوظ على منافستها التقليدية، “أدوبي”.